2011/04/12

الشيخ العلامة ابن العثيمين وموقفه من وحدة الأديان

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما بعد:




فهذا سائل يقول: بعض الناس يدعو إلى وحدة الأديان مع أنه يدعو إلى الإسلام فما حكم ذلك؟ (*)


الجواب: نرى أن الذي يدعو إلى وحدة الأديان بمعنى أن يقول: إن كل الأديان مقبولة, نرى أنه داع إلى الكفر, وأنه لا يجوز توحيد الأديان. وأين الدين هل هناك دين في الأرض سوى الإسلام؟! كل الأديان باطلة ولا تعتبر ديناً, فمن دعا إلى توحيدها بمعنى إقرارها وأنها مقبولة عند الله فهو لا شك مرتد عن الإسلام وداعٍ إلى الكفر, أما من دعا إلى توحيد الأديان بمعنى أن نجعل كل إنسان على دينه.
ننظر إن كان مراده إبطال الجهاد ومسحه من قائمة الإسلام؛ فهذا مرتد. وإن كان قصده أن الأمة الإسلامية اليوم لا تستطيع أن تحفظ نفسها فضلاَ على أن تحاول إصلاح غيرها فهذا صحيح, ولابد من ذلك, يعني: لابد من إقامة المعاهدة؛ لأننا عاجزون في الواقع أتم العجز يا إخوان, ولا يغرنكم التطبيل والتهويل. الآن نتودد إلى اليهود بالصلح بينما كان الناس الذين يدعون من خيالهم أو من أجل مصلحة أنفسهم يقولون: إننا سنلقى إسرائيل بالبحر ولعل فيكم من لم يدرك هذه الادعاءات المهولة, وستغني غداً أم كلثوم في وسط تل أبيب شكراً لله على الفتح. اللهم عافنا, لكن غنت أم كلثوم على رفاتنا.


فالمهم يا إخواننا: إن الذين يدعون إلى توحيد الأديان إن أرادوا أن يكون ديناً مقبولاً عند الله تعالى فهذه ردة؛ لأنها تكذيب للقرآن, وإن أرادوا بالتوحيد أن نجعل كل إنسان على دينه ونسكت فهذا أيضاً إبطال للجهاد في سبيل الله تعالى, وإن أرادوا بذلك المصالحة والمهادنة ما دمنا عاجزين فهذا حق والإنسان يجب أن ينظر إلى الواقع, والرسول عليه الصلاة والسلام أحكم الخلق نظر إلى الواقع في صلح الحديبية والتزم بما يظنه بعض الثائرين عندنا انهزامية, حيث وافق على الشروط القاسية التي عجز عن الصبر عليها من ينظر إلى الأمر بباديء الأمر مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عجز أن يصبر؛ لأنه نظر إلى الأمر من بادئه لا من العمق فجاء يقول للرسول كيف نعطي الدنية في ديننا؟ وكيف نفعل؟ وكيف نفعل؟ لكن أجابه الرسول عليه الصلاة والسلام بجواب مقنع قال: ((إني رسول الله)). يعني: ولن أحيد عن توجيه الله عز وجل, ((ولست عاصيه, وهو ناصري)). ثلاث جمل تُسَّكِّت كل إنسان: رسول الله, ولست عاصيه, وهو ناصري, أي أن النصر لابد أن يكون لي فذهب عمر إلى أبي بكر يقول له مثل ما قال للرسول عليه الصلاة والسلام, فرد عليه مثلما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام تماماً, وبه نعرف أن أبا بكر أقوى جأشاً, وأشد تثبيتاً من عمر وغيره من باب أولى؛ لأنه صبر في مواطن الشدة. أكثر من صبر عمر.






الفقيرُ إلى رَبِّ العالمين
أبو عبد الله هيثم آل فايد


===============
(*) شرح عقيدة أهل السنة والجماعة - الشيخ العلامة/ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق